احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك، كلمات نبوية جامعة لكل زمان ومكان بل ولكل الأحوال نحتاجها جميعا فى زحام الحياة وأهوالها قال ابن رجب رحمه الله قي كتابه الماتع جامع العلوم والحكم : وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمةً، وقواعد كلية من أهم أمور الدين وأجلِّها، حتى قال بعض العلماء – وهو ابن الجوزي -: تدبرت هذا الحديث، فأدهشني وكدت أطيش، فوا أسفا من الجهل بهذا الحديث، وقلة التفهم لمعناه.

ونحن اليوم في  موقع قلمي  نحاول معا أن نستمتع بفوائد أحد الأحاديث النبوية الممتعة والتي نحتاجها في حياتنا اليومية .

نص حديث احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ:

(( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ))

[رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح]

وفي رواية غير الترمذي [رواية الإمام أحمد]: ((احفظ الله تجده أمامك، تعرَّفْ إلى الله في الرخاء يعرفك فـي الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يُسرًا)).

وقفات مع حديث احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص أن ينشأ جيلا يحمل في قلبه إيمانا راسخا وصدق توكل ويقين بالله تعالى يكون هذا الإيمان هو القوة الكامنة التي تساعده على مهمة الاستخلاف في الأرض، فكيف يكون المؤمن قويا أمام صعاب الحياة وهمومها بلا قلب قوى يملأه الإيمان .

(يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ )

إنها كلمات قليلة لكنها عظيمة يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس الغلام الصغير الذي سيصير كبيرا بما تعلمه من النبي صلى الله عليه وسلم .

(  احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ )

إنها أولى وصايا النبي صلى الله عليه وسلم وأولى الكلمات التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم احفظ الله، كيف يكون هذا الحفظ ؟ احفظ الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه احفظ الله بتجنب ما يغضب الله وفعل ما يحبه احفظ الله في سمعك فلا تسمع إلا ما يحبه الله احفظ الله في بصرك فلا تري إلا ما يحبه الله احفظ الله في لسانك فلا تتكلم بما يغضب الله .

احفظ الله فى كل جوارحك يحفظك الله ، ولأن الجزاء من جنس العمل ولابد فقد كان جزاء من يحفظ الله تعالي أن يحفظه الله أتدرى كيف يحفظك الله إن حفظته اقرأ معي حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(( إن الله تعالى قال ـ إذاً هو حديثٌ قدسي ـ من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرَّب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته ولئن استعاذني لأعيذنه ))( رواه الإمام البخاري )

فمن حفظ الله تعالي حفظه الله في الدنيا بحفظه في جسده وماله وأهله وحفظه في دينه بثباته على الدين والبعد عن الفتن ما ظهر منها وما بطن .

((إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ))، ((وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ))

إنها قضية الدين الأساسية وهى العقيدة وهى التي نرددها كل يوم في الخمس صلوات تأكيدا وتوكيد على أهميتها وعظيم قيمتها {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة، الآية: 5]

فسؤال الله تعالى في الدعاء واللجوء عليه هو أصل العباد وآكد مظاهرها فقد وصف الله تعالى عباده في القرآن الكريم بوصفه ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) وجاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( الدعاء هو العبادة ) فجمال التعلق بالله تعالى وتمام عبادته إن تتوجه بقلبك وسؤالك له وحده سبحانه فإذا سألت فسأل الله

وقد مدح الله عز وجل المتعففين في القرآن فقال عنهم ( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ( البقرة : 273 )

وما أجمل قول  أبو العتاهية  :

لا تسألن بني آدم حاجـــة
وسل الذي أبوابه لا تُحجب
فاجعل سؤالك للإله فإنمـا
في فضل نعمة ربنـا تتقلب

وقد  قال طاووس لعطاء رحمهما الله : ” إياك أن تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ، وجعل دونك حجابه ، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة، أمرك أن تسأله ، ووعدك أن يجيبك ”

((وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ))

العون لا يطلب من أحد سوي الله ولم لا والله وحده هو القادر على كل شئ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [سورة الفاتحة، الآية: 5] فالحول والمدد والقوة منه سبحانه وحده ولا يملكه ملك مقرب أو نبي مرسل فقط الله وحده فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .

تأمل معي قول الله عز وجل (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ) ( آل عمران : 160 ) فلا أحد يملك لك من دون الله شئ فتوجه إليه وحده سبحانه وانظر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم  ((رب أعني ولا تعن عليَّ، وانصرني ولا تنصر عليَّ، وامكر لي ولا تمكر عليَّ، واهدني ويسر الهدي لي، وانصرني على من بغى عليَّ، رب اجعلني لك شاكرًا، لك ذاكرًا، لك راهبًا، لك مطواعًا، إليك مخبتًا أو منيبًا، تقبل توبتي، واغسل حوبتي  ، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدد لساني، واسلل سخيمة قلبي)) وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنِّي لَأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ»، فَقُلْتُ: وَأَنَا أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” فَلَا تَدَعْ أَنْ تَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ” .

الاستعانة بالله تورثك يقيناً لا يتبدد في قضاء الله وقدره وحسن تدبيره في حياتك كلها يجعل فى قلبك بردا لكل قضاء لكل امر هام في حياتك فإياك ان تتوقف عن الاستعانة بالله وحده ولا يضرنك من أمر الدنيا شئ طالما قلبك ملؤه اليقين .

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: ” كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: ( يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ).

بين كلمات هذا الحديث النبوي الشريف احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك وفى ثنايا جمله معان عظيمة لو طبقناها في حياتنا فاعلم أن الحياة ستكون قويمة ولم لا وهي وصايا من لا ينطق عن الهوي محمد صلي الله عليه وسلم فمن أراد السعادة في الدنيا والآخرة فليلزم أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم .