قيام الدولة العباسية ، تعتبر دولة العباسيون هي ثالث خلافة إسلامية في التاريخ الإسلامي، وتأتي تسمية الدولة بالعباسية نسبة إلى عم الرسول صلى الله عليه وسلّم (العباس بن عبد المطلب)، طارد العباسيون الخليفة الأموي مروان بن عبد الملك حتى لجأ إلى الأندلس كما إنهم قاموا بالاستعانة بالفرس الناقمين على الدولة الأموية لاستبعاد الأمويين من المناصب الهامة في الحكم بالإضافة إلى الاستعانة بالشيعة لزعزعة كيان الدولة ونظام الحكم.

تؤكد الدراسات التاريخية ظهور الدولة العباسية في عام 750 ميلادياً حيث إنهم قاموا باتخاذ عدة مدن كعواصم للحكم حتى شرعوا في تأسيس مدينة بغداد لتكون عاصمة الدولة العباسية، تعاقب العديد من الخلفاء على حكم الدولة العباسية وعمل كل خليفة في عصره على نهضة الدولة الإسلامية حتى وصلت إلى أقوى وأزهى عصورها حيث إنه سُمي بالعصر الذهبي أثناء حكم  الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون، فدعنا نتعرّف أكثر عن مراحل ازدهار الدولة العباسية ومجالات التي تم التطوير فيها من خلال منصة قلمي.

فن العمارة في الدولة العباسية

يعتبر فن العمارة من أكثر الفنون التي اهتم العباسيون بتطويرها والتميز فيها مما ساهم في انتشار العمارة الإسلامية في مدينة بغداد كاملة، وتظهر آثار فنون العمارة جليّة في انتشار القصور الإسلامية التي تميزت بأبهى فنون العمارة الإسلامية بالإضافة إلى اهتمام العباسيون بفن العمارة في المساجد عبر تزيينها بالنقوش والزخارف الخلابة كما إن الآثار المتبقية من مدينة سامراء بالعراق الآن خير دليل على مدى روعة العمارة الإسلامية في هذا الوقت.

فن الشعر في الدولة العباسية

ساهم العديد من الشعراء في الدولة العباسية في إثراء الأدب العربي في الدولة العباسية عبر العديد من النصوص الشعرية والنثرية التي كانت تظهر مدى براعتهم في صياغة الأبيات الشعرية ومدى قوة اللسان العربي الفصيح كما إنه تطور الأدب العربي في عصرهم من خلال بعض الدراسات والأبحاث التي قامت بدراسة الشعر حيث إنه ظهر في عصرهم علم العروض التي تأسس على يد الخليل بن أحمد بغرض المحافظة على الأوزان في القصيدة الشعرية من خلال تجميع أوزان الشعر في 15 بحراً.

تعددت التيارات الشعرية في هذا الوقت حيث إن تيار الغزل كان بارزاً حينها واشتهر الشاعر أبو نواس في هذا التيار من خلال قصائده التي كانت تعرف بالخمريات وجاء النوع الثاني على النقيض وعُرف بالشعر الديني وقد غلب عليه الزهد والتأمل في الحياة مع الله وبرز الشاعر أبو العتاهية في هذا التيار حيث إن البعض اعتبروه مؤسس تيار الزهد الشعري نظراً لارتقائه بشعر الزهد حتى بلغ مرحلة الحكمة والفلسفة حيث إنه ترك دواوين عديده في شعر الزهد، وقد بلغ بهم القول إنه يكفي التسليم بالله دون الالتزام بالدين الإسلامي.

تطور العلوم في الدولة العباسية

ساهم العديد من العلماء في الدولة العباسية في تطوير العلوم المختلفة عبر اهتمامهم بدراسة العديد من المجالات العلمية وترجمة أعمال علماء اليونان كأرسطو ومن ثم أبدعوا وابتكروا في العلوم النظرية والتقنية، ومن أشهر العلماء في الدولة العباسية:

  • الإدريسي، اشتهر في علم الجغرافيا من خلال كتابه الأول “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”.
  • ابن الهيثم، ألف 200 كتاب في مجالات الطب والرياضيات والفلسفة والفيزياء وتبلورت أبرز دراساته في مجال الضوء وانكسار الأشعة الذي ساهم في حدوث طفرة فكرية في هذا المجال.
  • عبد الله البتاي، اشتهر في علم الرياضيات حيث إنه أكمل تنسيق الزوايا وناقش نظريات بطليموس من خلال كتابه تعديل الكواكب.
  • ابن سينا، عُرف قديماً بشيخ الأطباء المسلمين نظراً لإسهاماته العظيمة في تطوير علم الطب التي تبلورت في كتابه “القانون في الطب” واكتشافه علاج العديد من الأمراض.
  • ابن البيطار، اشتهر بالمؤلفات الطبية الخاصة بعقاقير النباتات نظراً لمعرفته الواسعة بأنواع النباتات خلال أسفاره عبر أوروبا وصولاً إلى دمشق.
  • الرازي، اشتهر بمؤلفاته الفلكية التي ناقشت كروية الأرض وساهم في العديد من المؤلفات العلمية في علم التاريخ مما انبثقمنه علم أنساب العرب.

تطور الاقتصاد في الدولة العباسية

كان النظام الاقتصادي يعتمد قديماً على الزراعة كأي نظام إقطاعي قائم قبل الثورة الصناعية وقسمت الأراضي الصالحة لزراعة إلى أربعة أقسام:

  • أراضي الدولة التي تعود أرباحها إلى الخليفة أو السلطان بشكل مباشر.
  • أراضي الأوقاف التي كانت تمول المساجد والمدارس الفقهية.
  • أراضي الإقطاعات الخاصة التي كانت مملوكة من قبل وجهاء المدينة.
  • الملكية الخاصة للأفراد حيث إنه كان نادراً في هذا الوقت.

اهتم العباسيون بالصناعة التي كانت تعتمد على الزراعة في الأساس من خلال صناعة السكر الذي كان يستخرج من قصب السكر وصناعة الألبان ومشتقات الحليب وتسويقها في المدن الكبيرة كما إن العباسيون اتجهوا إلى صناعات مختلفة لا تعتمد على الزراعة مثل صناعة السيوف وصناعة الأقمشة كنسج الحرير والصوف والكتان وصناعة السجاد في بلاد الشام وصناعة الزجاج بمختلف أشكاله الفنية وصناعة الورق التي استوردت من الصين إلى بغداد أثناء خلافة هارون الرشيد.

طبقات المجتمع في الدولة العباسية

انقسم المجتمع العباسي إلى قسمين:

  • الناحية الدينية حيث إنه وجد الموالي أي العبيد الذين يباعوا ويشتروا في الأسواق وأهل الكتاب الذي اعترفت بهم الشريعة الإسلامية وعُرفوا برعايا الأديان وباقي المسلمين.
  • الناحية الاجتماعية انقسمت إلى أربع طبقات الأولى شملت الطبقة الحاكمة المكونة من الخلفاء والسلاطين والأمراء وتميزت هذة الطبقة بالبذخ والترفيه من خلال تذوق الفنون المختلفة أما الطبقة الثانية شملت مؤسسي النظام القضائي والتعليمي المكونة من علماء الدين والفقهاء أما الطبقة الثالثة شملت التجار بفئاتهم المختلفة المكونة من التجار الكبار الذي كانت تجارتهم تقوم على المجوهرات والرقيق والتجار الصغار الذي يندرج تحتهم فئة الحرفيين وأرباب المهن والصناع وأخيراً الطبقة الرابعة شملت الفلاحين والعبيد.

الخاتمة

جاء الهجوم الغاشم من قبل هولاكو قائد المغول على الدولة العباسية بعد الضعف والهوان الذي أصاب أركان الدولة في أواخر أيامها، فاضطر العباسيون محاولة إعادة بناء الدولة في القاهرة حيث إنها استمرت في مصر إلى عام 1519 ميلادياً، وانتهت الخلافة العباسية بعد احتلال العثمانيون لمصر فأصبحت تابعة للخلافة العثمانية من ذلك الوقت.